فصل: في هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في رقية النملة
قد تقدم من حديث أنس الذي في صحيح مسلم أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ رخص في الرقية من الحمة والعين والنملة.
في سنن أبي داود عن الشفاء بنت عبد الله، دخل علي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأنا عند حفصة، فقال: (ألا تعلمين هذه رقية النملة كما علمتيها الكتابة).
النملة: قروح تخرج في الجنين، وهو داء معروف، وسمي نملة، لأن صاحبه يحس في مكانه كأن نملة تدب عليه وتعضه، وأصنافها ثلاثة، قال ابن قتيبة وغيره: كان المجوس يزعمون أن ولد الرجل من أخته إذا خط على النملة، شفى صاحبها، ومنه قول الشاعر:
ولاعيب فينا غير عرف لمعشر ** كرام وأنا لا نخط على النمل
وروى الخلال: أن الشفاء بنت عبد الله كانت ترقي في الجاهلية من النملة، فلما هاجرت إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكانت قد بايعته بمكة، قالت: يا رسول الله ! إني كنت أرقي في الجاهلية من النملة، وإني أريد أن أعرضها عليك، فعرضت عليه فقالت: بسم الله ضلت حتى تعود من أفواهها، ولا تضر أحدًا، اللهم اكشف البأس رب الناس، قال: ترقي بها على عود سبع مرات، وتقصد مكانًا نظيفًا، وتدلكه على حجر بخل خمر حاذق، وتطليه على النملة. وفي الحديث: دليل على جواز تعليم النساء الكتابة.
فصل: في هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في رقية الحية
قد تقدم قوله: (لا رقية إلا في عين، أو حمة)، الحمة: بضم الحاء وفتح الميم وتخفيفها. وفي سنن ابن ماجه من حديث عائشة: رخص رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الرقية من الحية والعقرب. ويذكر عن ابن شهاب الزهري قال: لدغ بعض أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حية، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (هل من راق؟ فقالوا: يا رسول الله ! إن آل حزم كانوا يرقون رقية الحية، فلما نهيت عن الرقى تركوها، فقال: ادعو عمارة بن حزم، فدعوه، فعرض عليه رقاه، فقال: لا بأس بها فأذن له فيها فرقاه).